Nombre total de pages vues

jeudi 7 août 2014

المرجعية العليا في الإسلام ـ الملخص

المرجعية العليا في الإسلام ـ الملخص

عنوان الكتاب : المرجعية العليا في الإسلام للقرٱن و السنة
تاريخ النشر   01/01/1993
عدد الصفحات   368
دار النشر: الرسالة

ملخص لبعض الأفكار الهامة

في هذا الكتاب، يحدد الدكتور يوسف القرضاوي المرجعية العليا للإسلام في المصدرين الإلهيين المعصومين : القرآن  والسنة.
و مع أنه يؤكد على ضرورة إعمال العقل لترشيد الفهم و تسديد الاستنباط و تبيين الطريق، إلا أنه يؤكد على ضرورة احترام المعالم و الضوابط في فهم الأصلين المعصومين و تفسيرهما  وينبه من المزالق و المحاذير عند فعل ذلك.
فيما يلي ملخص لبعض الأفكار الهامة التي طرحها الدكتور القرضاوي في الكتاب، إلا أن الملخص لا يغني عن قراءة الكتاب لمزيد من الاستفادة فهو غني بالأفكار و الدراسات و الملاحظات التي تستحق المطالعة.

تمهيد

1. لا يذكر الإجماع و القياس ضمن مصادر الإسلام لثلاثة أسباب:

 2. الكثير من المسلمين و غير المسلمين فهموا الإسلام بطريقة غير صحيحة و حرفوه عن حقيقته إما بتجزئته أو إضافة ما ليس في تعاليمه أو مسخها و تشويهها أو الإخلال بالتوازن الذي نصت عليها، لذا كان من الضروري تحديد المصادر التي يؤخذ منها الإسلام الصافي من كل شائبة و هما بدون خلاف القرآن  و السنة. غير أنه في سعينا لفهم الإسلام الصحيح ينبه القرضاوي من اتجاهات مرفوضة و هي:



موقف المسلم من المصدر الأول القرآن

1. حسب الدكتور القرضاوي فإن موقف المسلم من القرآن موقف واضح بين لا اشتباه فيه و لا اختلاف عليه و وضحه في النقط التالية:


2. و يحذر القرضاوي من التعامل مع القرآن كما يفعل بعض الذين يدعون الإسلام ولكنهم يقبلون أحكام القرآن في العقائد و العبادات و الأخلاق و لا يقبلونها في شؤون التشريع و السياسة و الاقتصاد، فالقرآن وحدة لا تتجزأ تعاليمه و أحكامه مترابطة متكاملة.

3. ثم يوضح القرضاوي أنه لكي يتيسر للمسلم العمل بكلام الله عز وجل بعد أن أذعن له و سلم بما جاء به، فلابد من حسن الفهم. وهذا يحتاج إلى قواعد و ضوابط لفهم القرآن و تفسيره، تمنع تلاعب المبطلين وتأويل الجاهلين وتحريف الزائغين.

4. ثم يؤكد القرضاوي على جواز التفسير بالدراية أي بالرأي إلى جانب التفسير بالرواية أي بالنقل، و ذلك عبر ما نقل بالتواتر عن كبار الصحابة الذين قالوا بالرأي في القرآن. كما برر القرضاوي تحرج بعض الصحابة من التفسير لورعهم و تهيبهم من ذلك، ويقدم للقارئ رأيه و آراء العلماء في الأحاديث التي حذرت من التفسير كما يستشهد بأحاديث أخرى يرى أنها تجيز التفسير بالرأي و تشجعه.

5. ويرى الكاتب أن أقوم المناهج في التفسير ما مزج بين الرواية و الدراية، و جمع بين صحيح المنقول و صريح المعقول، و بين تراث السلف و معارف الخلف، و يبين الخطوات التي يجب إتباعها في هذا المنهج كما يلي:


6. وفي نهاية هذا الجزء نبه القرضاوي من بعض الأمور التي يمكنها أن توقع في الخطأ من يريد أن يفسر القرآن وهي:
  • الحذر من الأحاديث الواهية والموضوعة في التفسير
  • الحذر من الإسرائيليات الدخيلة، التي كدرت صفاء الثقافة الإسلامية
  • الحذر من الروايات الضعيفة و المكذوبة على الصحابة و التابعين
  • الحذر من الآراء الفاسدة و المردودة في التفسير و التي لا يسلم منها عالم و إن كان من كبار المفسرين

موقف المسلم من المصدر الثاني: السنة

حجية السنة و مكانتها في التشريع و التوجيه

إذا كان القرآن يحوي الأصول و القواعد الأساسية للإسلام من عقائد و عبادات و معاملات و آداب فإن السنة هي البيان النظري و التطبيق العملي للقرآن في ذلك كله. لذا فهي بعد القرآن  الكريم تمثل المصدر الثاني للإسلام. و دل على ذلك القرآن و السنة نفسها و إجماع الأمة و العقل و النظر. و لقد قدم القرضاوي في كل باب عدة أدلة سأكتفي بعرض دليل في كل باب من باب الاستفادة مع أن هناك الكثير منها:  



لا قرآن بغير سنة

في هذه الفقرة يستعرض الدكتور القرضاوي شبهات أعداء السنة الذين لا يرونها مصدرا للتشريع والتوجيه، كما يعرض حجج علماء السنة في الرد عليهم كالتالي:

الشبهات
الرد عليها
قوله تعالى: "ما فرطنا في الكتاب من شيء" الأنعام 38
"ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء" النحل 89
القرآن يبين القواعد و السنة تفصل الأحكام، فالمراد بالآية الأصول و القواعد الكلية التي يقوم عليها الدين، و مثل ذلك الصلاة فلم يرد في القرآن تفصيل لها في حين ورد في السنة.
إن الله تعالى تكفل بحفظ القرآن )"إنا نزلنا الذكر وإنا له لحافظون" الحجر 9) و لم يتكفل بحفظ السنة
القرآن يستلزم بحفظ السنة ضمنيا بما أنها تفصيل لما جاء فيه
إن النبي صلى الله عليه وسلم جعل للقران كتابا ولم يجعل ذلك للسنة بل نهى عن ذلك
و يشرح القرضاوي أن سبب ذلك هو توفير الهمم لكتابة القرآن و أيضا لكي لا تختلط السنة بالقرآن، إلا أن هناك دراسات جدية و متخصصة للسنة تنقل أن الرسول صلى الله عليه وسلم أذن لبعض الصحابة أن يكتبوا كعبد الله بن عمر و غيره.
السنة دخلها المنكر و الموضوع و ما لا أصل له و الضعيف و الواهي
وهنا يرد القرضاوي على هذه الشبهة بأنه رغم كذب الكثيرين على الرسول صلى الله عليه وسلم إلا أن علماء السنة الجهابذة قد طاردوا هذه الأكاذيب و قاموا بكشفها بشتى الطرق، فقد وضعوا القواعد الضابطة وأسسوا علوم الحديث و مصطلحه و أسسوا لشروط قبوله وهو ما لم تفعله أمة من قبل لحفظ تراث نبيها. ومن يؤمن بهذه الشبهة فهو حتما لم يعلم شيئا من علوم الحديث.
علماء الحديث قصروا همهم على علة تحقيق الأسانيد دون المتن
يؤكد القرضاوي أن هذا جور على علماء السنة الذين اهتموا بالجانبين معا و يعطي أمثلة على ذلك من كتب العلماء.
السنة و حتى الصحيحة منها تشتمل ما قاله الرسول بصفته البشرية أو الرئاسية أو القضائية أو تجربته الدنيوية
هذا صحيح إلا أن السنن المتعلقة بذلك قليلة، أما التي صدرت عنه صلى الله عليه وسلم بوصف التشريع و التبليغ فهي الغالبة. و المنهج الصحيح أن يعرف هذا النوع من السنة مما ليس له صلة بالتشريع قط أو ليس له صلة بالتشريع العام الدائم لكن لا يعقل أن يترك العمل بالسنة التشريعية بسبب ذلك.

ثم يمضي القرضاوي في تبيينه لحجية السنة بدليل القرآن، بذكره أن الاستغناء عن السنة بالقرآن مخالف للقرآن نفسه، فكتاب الله مليء بالآيات الصريحة التي تدعو المسلمين لطاعة الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم. و يفسر عطف طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم على طاعة الله في أكثر من موضع مثلا كقوله تعالى في سورة الأحزاب آية 71 "و من يطع الله و رسوله فقد فاز فوزا عظيما" بكون العطف يفيد المغايرة، فطاعة المسلم لله شيء و طاعته لرسوله شيء آخر مغاير معطوف عليه. كما ذكر ردا قويا للإمام الشافعي على خصوم السنة لا يحتمل التلخيص يمكن مراجعته في الكتاب لمن أراد الاستفاضة في الأمر.

بين السنة و القرآن

في بداية هذه الفقرة يبين القرضاوي أهم الاختلافات بين السنة و القرآن كالتالي:

القرآن
السنة
القرآن قطعي الثبوت لأنه منقول بالتواتر اليقيني
قليلها ما ثبت بالتواتر و أكثرها ما ثبت عن طريق الآحاد
القرآن كله ثبت بطريق الوحي الجلي بواسطة نزول جبريل عليه السلام على قلب الرسول صلى الله عليه وسلم
من السنة ما ثبت عن طريق الإلهام و النفث في الروع، و ما ثبت بالرؤيا الصادقة، و منها ما ثبت بالوحي الباطن أي أن يجتهد الرسول صلى الله عليه وسلم فيقره الله تعالى.
القرآن لفظه و معناه من الله تعالى
السنة القولية لفظها من الرسول صلى الله عليه وسلم
القرآن محفوظ بجملته و تفصيله، بألفاظه و معانيه
السنة محفوظة ضمنا باعتبارها تبيانا للقرآن و حفظ المبين يستلزم حفظ ما يبنه
القرآن متميز بالإعجاز الخارق
السنة رغم البلاغة تبقى بشرية


العلاقة بين السنة و القرآن

1. السنة الصحيحة لا تعارض القرآن:  و ما وجد منها فإما أن يكون صحيحا غير صريح يجب تأويله بما يتفق مع القرآن لأن القرآن هو الأصل، أو صريحا غير صحيح و هذا لا اعتبار له فمرجع السنة إلى القرآن. و هنا يذكر بعض شروحات المحقق ابن قيم الجوزية في هذا الباب.

2. لا يخص عموم القرآن إلا بسنة ثابتة محكمة: لا يجوز أن يخص العموم من القرآن إلا بسنة ثابتة أي صحيحة السند، سليمة المتن و محكمة أي أن تكون قطعية الدلالة أو راجحة رجحانا غالبا.

3. لا ينسخ القرآن بالسنة: و هنا يصرح القرضاوي أنه يؤمن بأن النسخ في الشريعة الإسلامية ثابت بيقين إلا أنه لا يميل إلى القول بنسخ القرآن بالسنة لأنه لم يجد إلا أمثلة لم يقبلها.

واجب المسلم عند الاحتجاج بالسنة

و ينهي القرضاوي إلى علم القارئ أنه من واجب المسلم الذي يحتج بالسنة النبوية:
  • أن يتأكد و يستوثق من صحة سند الحديث و ثبوته بشروط صحة الحديث التي قررها العلماء
  • أن يتأكد من صحة دلالة الحديث على المعنى المطلوب
  • أن يتأكد من عدم وجود معارض معتبر عقلي أو نقلي
وهذا يتطلب التضلع في علوم السنة و سعة الاطلاع على مصادرها و الرجوع إلى أئمتها.

ويخصص القرضاوي مزيدا من الصفحات للرد على نوعين من المتعاملين مع السنة بما لا يليق بها: الذين يقبلون الأحاديث الواهية و الذين يردون الأحاديث الصحيحة لسبب من الأسباب الواهية، و يرد عليهم بأقوال العلماء و حججهم و يفند ادعاءاتهم.


معالم و ضوابط في فهم الأصلين: الكتاب و السنة

الواجب على المسلم أن يعرف الحق و يتبعه ، ولمعرفة الحق يوضح القرضاوي أهم المعالم و الضوابط التي يجب اتباعها حتى لا يضل طالب الحق و لا يحيد عن الصواب و هي بتلخيص:

التجرد لطلب الحق

يؤكد الدكتور القرضاوي على أنه يجب على كل باحث عن الحق التجرد لطلب الحق و ذلك عبر الاتصاف بثلاث فضائل:
  • الإخلاص و التحرر من الهوى
  • الاستقلال و التحرر من العصبية
  • التواضع

ربط النصوص بعضها ببعض

ويضيف القرضاوي أنه من الضوابط المهمة لحسن فهم الكتاب و السنة ربط النصوص ببعضها و النظر إلى احكام الإسلام وتعاليمه كلها نظرة شاملة مستوعبة، و ألا نتشبث بنص واحد مغفلين النظر إلى ما سواه مما يكمل معناه أو يخصص عمومه أو يقيد مطلقه أو يفصل مجمله أو يفسر إبهامه. و يعيب القرضاوي على الفرق المبتدعة تمسكها ببعض النصوص دون بعض كالخوارج و المعتزلة و الجبرية و يعطي بعض الأمثلة على أخطائهم الفادحة.

الإيمان بكمال الشريعة و عدم تناقضها

يحذر القرضاوي من ضرب الكتاب بعضه ببعض فهذا ما حذر منه الرسول صلى الله عليه و سلم في حديث إسناده حسن رواه أحمد في مسنده حيث قال :"إن القرآن لم ينزل يكذب بعضه بعضا بل يصدق بعضه بعضا". فلا يوجد تعارض حقيقي بين النصوص وهذا نابع من وجوب إيماننا بكمال الشريعة و عدم تناقضها مصداقا لقوله تعالى في سورة المائدة "اليوم أكملت لكم دينكم و أتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا". وما يظن أنه تعارض إنما هو إخفاق في الفهم أو أخذ الظاهر دون تمحيص و تحقيق.

و يبين القرضاوي موقفه من التعارض بين الأحاديث كالتالي:
  • لا تعارض بين ضعيف و صحيح :  إذا تعارض حديث صحيح بحديث ضعيف يقدم الصحيح على الضعيف و لا يلزمنا تأويل الضعيف.
  • تعارض الصحاح بعضها و بعض: إذا تعارض حديث صحيح مع جملة من الأحاديث الصحاح فالعبرة بالجملة لا بالواحد و ينبغي تأويل الواحد ليتفق مع سائر الحديث. وإذا لم يمكن ذلك لجأنا إلى الترجيح أي تغليب الكثرة على الواحد.
أما إذا تعارضت مجموعة من الأحاديث الصحيحة مع مجموعة أخرى صحيحة فلا بد من مرجح لأحد المجموعتين إما بالكثرة و إما بقوة الدلالة، فالأصرح يقدم على الأغمض. و إما أن تكون إحدى المجموعتين تتفق مع ما قرره القرآن الحكيم أو القواعد العامة أو المقاصد الكلية للشريعة خاصة و للإسلام عامة.
  • كيف نستبين موقف الإسلام من خلال النصوص: ويضرب القرضاوي أمثلة كثيرة على الأخذ بنص واحد و ترك عشرات النصوص و أخذ الضعيف دون الصحيح و المتشابه دون المحكم من دعاوى المستشرقين و غيرهم، فلا بد من وجوب التثبت قبل الحكم بالتعارض. ففي القرآن هناك متشابهات و في السنة هناك ما يسمى مختلف الحديث فالتثبت هنا واجب و يعطي أمثلة على ذلك، كما يعطي أمثلة على التوفيق بين الظواهر.

رد المتشابهات إلى المحكمات

يوصف القرآن بأنه محكم و الإحكام هو الإتقان وعدم النقص و الاختلاف، و يوصف أيضا أنه متشابه تتشابه آياته فتصدق بعضها بعضا في العدالة و الأخبار و الروعة و الحقائق فلا تناقض و لا تضارب.

كما يوصف على أن بعضه محكم و بعضه متشابه كما في سورة آل عمران. و في هذه الآية معنى المحكم هو البين بنفسه الدال على معناه بوضوح، أما معنى التشابه فهو ما أشكل تفسيره إما بمشابهته غيره من حيث اللفظ أو من حيث المعنى. فالمتشابه ما لا ينبئ ظاهره عن مراده أو ما لا يستقل بنفسه إلا برده إلى غيره.

ومن هنا كانت آيات القرآن على ثلاثة أنواع:
  • آيات محكمات
  • آيات متشابهات تشابها كليا حقيقيا فلا يعلمها إلا الله و لا يجب محاولة معرفة حقيقتها كوقت الساعة و خروج الدابة و غيرها و هذا ما دل عليه ما جاء في سورة آل عمران
  • آيات متشابهة تشابها جزئيا و هذا ما يعمل العلماء على رده إلى المحكمات بمقتضى القواعد التي يعرفها أهل العلم.
و يرى القرضاوي أن الحكمة من وجود المتشابه هو إبقاء العقول يقظة متحركة للبحث و الاجتهاد فلو كانت كل النصوص محكمة لركنت العقول إلى الجمود و الكسل.

و في هذه الفقرة أيضا يعطي القرضاوي أمثلة لاستباحة المحرمات و الزيغ و الانحراف باتباع الشبهات كتحليل الربا الحرام أو الاستدلال على صحة اعتقاد النصارى بالقرآن و غيرهم كثير.

و هناك الكثير من النصوص في القرآن والسنة قد حذرت من اتباع المتشابهات. كما أن العلماء نهوا عن ترك الأصول الواضحة و الأدلة المحكمة و تتبع المتشابهات. و بالنسبة لهم كل دليل فيه اشتباه و إشكال ليس بدليل على الحقيقة.  كما لا يجب أن يعارضه دليل قطعي، فالدليل يجب أن يكون ظاهرا في نفسه دالا على غيره و إلا احتاج هو إلى دليل فإن دل على عدم صحته فليس بدليل.

فهم النصوص الجزئية في ضوء المقاصد الكلية

لا بد لمن يريد حسن الفهم أن لا يكتفي بالحرفية و ظواهر النصوص بل عليه أن يتأمل ما وراء أحكامها من علل و مصالح. و مهمة الراسخين في العلم أن يبحثوا عن مقاصد الشريعة من خلال النصوص و يربطوا جزئياتها بكلياتها و يردوا فروعها إلى أصولها و يربطوا الأحكام بعضها ببعض.

و يؤكد القرضاوي على ضرورة معرفة أسباب و ملابسات النصوص لحسن الفهم و يعطي أمثلة لسوء الفهم لإهمال أسباب النزول او ملابسات النص من القرآن  و السنة.

ولقد اتفق العلماء أن الشريعة جاءت لتحقق مصلحة العباد، لذلك وجب النظر إلى النصوص من هذا الباب وفقا للمقاصد الكبرى. و يستشهد بكثير من مواقف الصحابة الذين كانوا ينهجون هذا المنهج كمعاذ بن جبل و عمر بن عبد العزيز و عمر بن الخطاب و غيرهم.

الاعتصام بالنصوص القطعية

و يضيف القرضاوي أن حسن الفهم يتطلب الاعتصام بالنصوص القطعية من الكتاب و السنة، و القطعية تعني قطعية الثبوت و قطعية الدلالة.

قطعية الثبوت تتحقق في القرآن الكريم و المتواتر من الحديث و ما يلحق بالمتواتر من أحاديث الصحيحين التي احتف بها من القرائن و الدلائل ما يرفعها من مرتبة الظن الذي هو الأصل في أحاديث الآحاد إلى مرتبة القطع و اليقين.
فالأصل في قطعي الثبوت أن يكون من القرآن و القليل من السنة لأن جمهرة السنة من الآحاد.

أما قطعية الدلالة، فتعني ألا يحتمل النص إلا تفسيرا واحدا ووجها واحدا بحكم وضعه اللغوي أو الشرعي أو بدلالة القرائن المختلفة التي تزيل أي احتمال لفهم آخر.

التمسك بعصمة الأمة و إجماعها اليقيني

و يحث القرضاوي هنا على أهمية التمسك بالقضايا التي أجمعت عليها الأمة من قضايا عقلية و نفسية و سلوكية و اعتقادية كما يحث على الاهتداء بهدي الصحابة و تابعيهم بإحسان. 

مزالق و محاذير في فهم الأصلين: الكتاب و السنة

يحذر القرضاوي من وجود مزالق و محاذير يجب التيقظ لها حتى لا نقع في سوء فهم الله و رسوله،  و من أهم هذه المحاذير:

وضع النص في غير موضعه

و يرجع القرضاوي سبب الخلل إلى العجلة في استخراج الأحكام دون التثبت و التمحيص كما يمكن أن يكون خلل في الضمير وفساد النية.  كما أنه أحيانا يمكن أن يستشهد بكلمة حق و يراد بها باطل و يعطي مثالا على ذلك ما حصل مع الخوارج الذين رفضوا مبدأ التحكيم بين علي رضي الله عنه و من معه و معاوية و من معه و تمسكهم بقوله تعالى "إن الحكم إلا لله" و يفند ادعاءهم بأدلة من الكتاب و بهدي الصحابة.

كما يحدث أحيانا أن يحرف الكلم عن مواضعه كمن استدل على منع التعدد الذي أباحه القرآن بشرط العدل بآية من السورة نفسها التي حسب حكمهم تنسخ الآية و تبطلها و هذا اتهام ضمني للرسول صلى الله عليه و سلم و الصحابة بعدم فهم كتاب الله. و يستعرض أمثلة كثيرة في سوء الفهم أو التسرع في الحكم كتحريم الغناء و سوء تفسير كلمة سائحين و الأحزاب و بعض التفاسير العلمية المغلوطة لآيات الإعجاز العلمي، كما يعطي أمثلة من السنة كالذين أباحوا الانقطاع و الخلوات لأن الرسول كان يفعل ذلك في رمضان، أو الذين منعوا حضانة الأب للابن مع ثبوت عدم أهلية الأم بحديث من السنة و يفند  ذلك، أو الذين حرموا التحالف في الإسلام لفهمه الخطأ للحديث الصحيح "لا حلف في الإسلام".

سوء التأويل للنصوص

من المقرر عند أهل العلم أن الأصل هو إبقاء النصوص على ظواهرها، و لكن تأويل النصوص أي صرفها من معناها الحقيقي إلى معناها المجازي لا يخالف فيه عالم له دراية بالقرآن. إن التأويل له شروطه، فلا تأويل إلا بدليل و يعطي أمثلة على ذلك من القرآن كقوله تعالى "إني أراني أعصر خمرا" سورة يوسف، فالخمر لا تعصر و لكن تؤول بالعنب يصير خمرا، و أمثلة أخرى كثيرة تستوجب التأويل من الكتاب و السنة.

و يبين القرضاوي كيف اهتم العلماء بضوابط التأويل حتى لا يساء فهم كلام الله و رسوله، والتأويل الذي يناقشه القرضاوي ليس بمعنى التفسير ولكن بمعناه الاصطلاحي أي: صرف اللفظ عن معناه الظاهر إلى معنى مرجوح يحتمله لدليل يصيره راجحا.

و هنا يقارن القرضاوي بين تيارين متطرفين في التأويل و هما الظاهرية الذين لا يقبلون بأي تأويل إلا إذا دل على كتاب أو سنة أو إجماع و هم حسب القرضاوي يمثلون الجمود و تيارات و طوائف غاية في الإفراط، و الذين يؤولون بغير دليل يجعل التأويل راجحا كالباطنية الذين يؤولون الظاهر و يعتبرون أن لكل نص ظاهر و باطن و هذا انحراف لا دليل عليه.
و في هذه الفقرة يعطي أمثلة كثيرة للانحرافات في التأويل عند عدة تيارات و طوائف من شيعة و صوفية ومعتزلة و بهائية و فلاسفة و عقلانيين وغيرهم لا يسعنا تلخيصها لكثرتها. كما يعطي أمثلة على علماء اعتمدوا على التأويل في بعض الأحيان رغم تمسكهم بظواهر النصوص كابن حزم و المدرسة الحنبلية.

تقديم العقل على الشرع

ويرى القرضاوي أن من أخطر أسباب الانحراف تقديس العقل البشري و اعتباره دليلا لا يخطئ و تقديمه على الوحي و هذا من أهم أسباب انحراف المبتدعين قديما و حديثا.

ويؤكد الكاتب على أن العقل نعمة كبيرة و لكن يصر على أن الوحي أعظم منه، فالفرق بين العقل و الوحي كالفرق بين البشرية و الألوهية، فرق بين العجز الذاتي و القدرة المطلقة. و يعطي أمثلة على الأخطاء التي وقع فيها العقلانيون فكيف الوثوق إذن بهم.

كما تحدث عن الصراع بين الفلسفات و تناقضها من مادية وروحية وفردية و جماعية و تشككية و عنادية. فكل هذه الفلسفات تعارض بعضها بعضا و لا يكاد فيلسوف يصل إلى فكرة ما حتي يسارع آخر إلى تفنيدها، فالعقل البشري محدود و يتأثر بالبيئة و العصر، و يعطي مثالا صارخا و هو تأثير البيئة على أرسطو، فرغم أنه من أقوى الفلاسفة و من وضع المنطق الصوري القياسي فإنه لم يكن يؤمن بالمساواة بين الناس و بين الرجل و المرأة، و حتى أنه كان يؤمن بالتفاوت بين الجنسيات و غيرها من أمور غير معقولة إطلاقا.

كما يشير أن حصاد الفلسفة عبر التاريخ الإنساني الطويل هزيل جدا يدل على مدى جهل الإنسان و عجزه. لهذا كان الشرع الإلهي الملاذ الآمن للعقول و أرض السلام للنفوس. فالإنسان بحاجة ماسة إلى ينبوع خالص معصوم و ذي قدرة مطلقة ليستعين به على عجزه و قلة حيلته.

و يبين القرضاوي مكانة العقل في الإسلام، فعلماء الأصول يؤمنون أن العقل أساس النقل فلولا العقل لما ثبت الوحي أصلا فالإنسان عرف الوحي لأن له عقلا عرف به وجود الله و صحة النبوءة. فالثقة بالعقل واجبة إذن. غير أن استعمال العقل يجب أن يكون في محله فبعد الإيمان بالله ربا و بمحمد رسولا و بالقرآن و السنة، تصبح مهمة العقل تأكيد نسبة السنة للرسول و مدى صحتها أو ضعفها أو كذبها و الجمع بين الأدلة و شرحها و تأويلها و فهم النصوص الصريحة و التأمل و البحث في الآفاق لخدمة البشرية.
           
معارضة النصوص بدعوى المصلحة

يرى القرضاوي أنه يستحيل أن يتعارض نص قطعي مع مصلحة حقيقية، فالله عز وجل أعلم بمصالح عباده و العقيدة الصحيحة مبنية على التسليم بأن أوامر الله ونواهيه جاءت من أجل الإنسان و سعادته في الدنيا و الآخرة. لكن المشكل الذي يمكن أن يحصل في هذا الباب هو توهم المصلحة في حين أنها ليست مصلحة حقا. كما أنه قد يتعارض نص محتمل التأويل وليس قطعي مع مصلحة حقيقية معتبرة. و الكثير من الدعاوى في هذا الباب مردودة لتوهمها المصلحة في غير محلها.


Rachida KHTIRA

Software Engineer at the Moroccan Ministry of Finance.
Interests: Reading, travel and social activities.

Friday, August 30, 2013

المرجعية العليا في الإسلام ـ الكاتب

 

ولد الدكتور يوسف عبد الله القرضاوي في 9 سبتمبر 1926، أحد أبرز العلماء السنة في العصر الحديث، ورئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، ولد في قرية صفط تراب مركز المحلة الكبرى بمحافظة الغربية في مصر، فيها حفظ القرآن الكريم و جوّده وهو دون العاشرة، أتم تعليمه في الأزهر الشريف. حصل على الشهادة العالية من كلية أصول الدين عام 1953م، وعلى إجازة التدريس عام 1954م، وكان ترتيبه الأول في كلتيهما، وفي سنة 1960م حصل على الدراسة التمهيدية العليا المعادلة للماجستير في شعبة علوم القرآن والسنة من كلية أصول الدين. كما حصل على الدكتوراه بمرتبة الشرف الأولى عام 1973م.

عمل بعد تخرجه في مراقبة الشؤون الدينية بالأوقاف، وإدارة الثقافة الإسلامية بالأزهر، ثم أعير إلى قطر مديراً لمعهدها الديني، فرئيساً مؤسساً لقسم الدراسات الإسلامية بكلية التربية فعميداً مؤسساً لكلية الشريعة والدراسات الإسلامية، ومديراً لمركز بحوث السنة والسيرة الذي كلف بتأسيسه ولازال يديره.

اشتغل القرضاوي بالدعوة منذ فجر شبابه، وشارك في الحركة الإسلامية، وأوذي في سبيلها بالاعتقال عدة مرات، في عهد الملكية وعهد الثورة.

مؤلفاته

للقرضاوي ما يزيد عن 120 من المؤلفات من الكتب والرسائل والعديد من الفتاوى كما قام بتسجيل العديد من حلقات البرامج الدينية منها التسجيلية والحية، نذكر منها على سبيل المثال:
  • أثر الإيمان في حياة الفرد
  • فوائد البنوك هي الربا الحرام (كتاب)
  • الحلال والحرام في الإسلام
  • فقه الزكاة
  • الاجتهاد في الشريعة الإسلامية
  • ملامح المجتمع المسلم الذي ننشده
  • الإيمان و الحياة
  • النية و الإخلاص
  • الإسلام والعلمانية وجها لوجه
  • في فقه الأولويات : دراسة جديدة في ضوء القرآن والسنة
  • التوكل
  • من أجل صحوة راشدة تجدد الدين وتنهض بالدنيا
  • مدخل لمعرفة الإسلام
  • ......   
نشاطاته
  • رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
  • رئيس المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث.
  • عضو مجمع البحوث الإسلامية في مصر.
  • الرئيس السابق لجمعية البلاغ القطرية الممولة لشبكة "إسلام أونلاين" على الانترنت  حتى 23 مارس 2010  
  • عضو مجمع الفقه الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة.
  • رئيس هيئة الرقابة الشرعية لمصرف قطر الإسلامي ومصرف فيصل الإسلامي بالبحرين.
  • عضو مجلس الأمناء لمنظمة الدعوة الإسلامية في أفريقيا.
  • نائب رئيس الهيئة الشرعية العالمية للزكاة في الكويت. 
  • عضو مجلس الأمناء لمركز الدراسات الإسلامية في أكسفورد.
المصدر

كتاب نظرية عدالة الصحابة ص 41 ـ 60



ايهما الاولى بالتصديق : كتاب الله وحكمه ، ام التقليد الاعمى ؟ ومن هنا فان نظرية عدالة كل الصحابة منقوضة من حيث الموضوع لانها تتعارض مع النصوص القرآنية القاطعة وهذا التعميم ـ كل الصحابة عدول ـ يتعارض مع الاحكام الالهية ويخالفها .
2 ـ نظرية عدالة كل الصحابة تتعارض مع السنة النبوية

المثال الاول : ذو الثدية فقد كان من الصحابة المتنسكين وكان يعجب الناس تعبده واجتهاده ، وكان رسول الله يقول ( انه لرجل في وجهه لسعة من الشيطان ) وارسل ابا بكر ، ليقتله فلما رآه يصلي رجع ، وارسل عمر فلم يقتله ، ثم ارسل علياً عليه السلام فلم يدركه (1) وهو الذي ترأس الخوارج وقتله علي عليه السلام يوم النهروان (2) .
المثال الثاني : كانت مجموعة من الصحابة يجتمعون في بيت علي احدهم يثبطون الناس عن رسول الله فأمر من احرق عليهم هذا البيت (3)
المثال الثالث : قزمان بن الحرث قاتل مع رسول الله في احد قتال الابطال ، فقال اصحاب النبي ما أجزأ عنا احد كما أجزأ عنا فلان ، فقال النبي ( أما انه من اهل النار ) ولما اصابته الجراح وسقط قيل له هنئياً لك بالجنة يا ابا الفيداق . قال جنة من حرمل ؟ والله ما قاتلنا الا على الاحساب (4) .
المثال الرابع : الحكم بن العاص بن امية بن عبد شمس عم عثمان بن عفان ووالد مروان بن الحكم ، لعنه رسول الله (5) ولعن ما في صلبه وقال ( ويل لامتي مما في صلب هذا ) . ومن حديث عائشة انها قالت لمروان : اشهد ان رسول الله لعن اباك وانت في صلبه ، فنفاه النبي الى مرج قرب الطائف وحرّم عليه ان يدخل المدينة ، ولما مات
____________
(1) راجع الاصابة في تمييز الصحابة ج 1 ص 439 .
(2) راجع أراء علماء المسلمين للسيد مرتضى الرضوي .
(3) راجع سيرة ابن هشام ج 3 ص 235 .
(4) راجع الاصابة ج 3 ص 235 وراجع آراء علماء المسلمين للسيد مرتضى ص 127 وما فوق .
(5) راجع كنز العمال .

( 42 )

رسول الله راجع عثمان ابا بكر ليدخله فرفض ابو بكر ، ولما مات ابو بكر راجع عثمان عمر ليدخله المدينة فأبى عمر ، ولما تولى عثمان الخلافة ادخله معززاً مكرماً واعطاه مأة الف درهم ، واتخذ مروان ابنه بطانة له ، وتسبب فيما بعد بقتل الخليفة وخراب الخلافة الراشدة . وكان مروان يلقب بـ خيط باطل ثم صار خليفة المسلمين . يقول الشاعر :

لي الله قوماً امروا خيط باطل * على الناس يعطي من يشاء ويمنع (1)

المثال الخامس : الذين ( اتخذوا مسجداً ضراراً وكفراً وتفريقاً بين المؤمنين ) وقالوا : انهم بنوا هذا المسجد تقرباً لله تعالى ، وكانوا اثني عشر رجلاً من الصحابة المنافقين (2) .
المثال السادس : لعن الرسول لبعض الصحابة . قال الحلبي في رواية : صار ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يقول ( اللهم العن فلاناً وفلاناً )(3) وأخرج البخاري قال : حدثني سلم عن أبيه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ) إذا رفع رأسه من الركوع من الركعة الأخيرة من الفجر يقول ( اللهم العن فلاناُ وفلاناُ ) بعدما يقول : سمع الله لمن حمده . وقال السيوطي واخرج احمد والبخاري والترمذي والنسائي وابن جرير والبيهقي في الدلائل عن ابن عمر قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يوم احد ( اللهم العن ابا سفيان ، اللهم العن الحرث بن هشام ، اللهم العن سهيل بن عمرو واللهم العن صفوان بن امية ) قال السيوطي واخرج الترمذي وصححه وابن جرير وابن ابي حاتم عن ابن عمر قال : كان النبي يدعو على اربعة نفر وكان يقول في صلاة الفجر : ( اللهم العن فلاناً وفلاناً ) (4) واخرج نصر بن مزاحم المنقري عن عبد الغفار بن القاسم عن عدي بن ثابت عن البراء بن عازب قال : اقبل ابو سفيان ومعه معاوية ، فقال رسول الله ( اللهم العن التابع والمتبوع ، اللهم عليك بالاقيص ) فقال ابن براء لابيه : من الاقيص قال : معاوية (5) واخرج نصر عن علي بن الاقمر في آخر حديثه قال : فنظر رسول الله
____________
(1) راجع مروج الذهب للمسعودي .
(2) راجع سيرة ابن هشام .
(3) السيرة الحلبية ج 2 ص 234 .
(4) الدر المنثور المأثور ج 6 ص 71 .
(5) وقعة صفين ص 217 تحقيق وشرح الاستاذ عبد السلام محمد هرون .

(43)

الى ابي سفيان وهو راكب ومعاوية واخوه احدهما قائد والآخر سائق ، فلما نظر اليهم رسول الله قال ( اللهم العن القائد والسائق والراكب ) قلنا انت سمعت رسول الله ؟ قال : نعم والا فصمت اذناي (1) .
وانظر الى رسالة محمد بن ابي بكر الصديق التي وجهها معاوية فقد جاء فيها : وقد رأيتك تساميه وانت انت وهو هو اصدق الناس نية وافضل الناس ذرية ، وخير الناس زوجة ، وافضل الناس ابن عم اخوه الشاري بنفسه يوم مؤتة وعمه سيد الشهداء يوم احد ، وابوه الذاب عن رسول الله ونحن حوزته . وانت اللعين ابن اللعين لم تزل انت وابوك تبغيان لرسول الله الغوائل وتجهدان في اطفاء نور الله ، تجمعان على ذلك الجموع وتبذلان فيه المال وتؤلبان عليه القبائل ، وعلى ذلك مات ابوك وعليه خلفته (2) ولم ينف معاوية لعنة ولا لعن ابيه مع انه قد رد رداً بليغاً على هذه الرسالة (3) .

دعوة لتحليل هذه الامثلة

الامثلة الست التي سقناها عن رسول الله تنقض نقضاً كاملاً القول ( بأن كل الصحابة عدول ) فمن يأمر الرسول بقتله ليس من العدول . ومن يحرق عليهم رسول الله البيت ليسوا من العدول . ومن يقول عن الجنة : جنة من حرمل ويقاتل على الاحساب ليس من العدول . ومن يلعنه الرسول ويلعن ما في صلبه ليس من العدول . والذين اتخذوا مسجداً ضراراً ليسوا من العدول . لان القول بعدالتهم يتعارض مع السنة المطهرة . فالسنة المطهرة تنفي هذه العدالة ، والمقلدون تقليداً اعمى بعزلة عن التفكير يثبتونها فأيهما اولى بالتصديق ، سنة المصطفى ام تقليد المقلدين ؟
فلا خلاف بعدالة افاضل الصحابة ، ولكن الخلاف يكمن في التعميم بالقول ( بأن كل الصحابة عدول ) والقول بالتعميم تنقضه السنة المطهرة لانه يتعارض معها تعارضاً كاملاً .
____________
(1) وقعة صفين ص 220 .
(2) راجع مروج الذهب للمسعودي ج 3 ص 14 وقد نقلت هذا المقتطف حرفياً .
(3) راجع المرجع السابق ج 3 ص 15 و 16 من مروج الذهب للمسعودي .

( 44 )

3 ـ نظرية عدالة كل الصحابة ينقضها واقع الحال .

المثال الاول : حصل معاوية على البيعة بالتقتيل والتدمير والتحريق وشتمه انصار رسول الله ، واستغل اموال المسلمين التي جمعها خلال عشرين عاماً بولايته على الشام لتوطيد سلطانه بعد ان اخرج اموال المسلمين عن مصارفها الشرعية . ورتب معاوية عطاء اسمه : رزق البيعة يعطي للجند عند تعيين خليفة جديد (1) وتأكد ان المطلب الحقيقي لمعاوية هو الملك عندما كتب وصيته من بعده ليزيد ابنه واخذ له البيعة بالقوة (2) وامره على صحابة رسول الله بالرغم من مجونه وقلة دينه وسوء خلقه .
المثال الثاني : اوصى معاوية بن ابي سفيان ابنه يزيد ( اذا ثار اهل المدينة فأرسل اليهم مسلمة بن عقبة ) وكان مع مسلمة قائمة بأسماء الطاهرين من الصحابة ليقتلهم واحداً واحداً واحداً . ويدخل عقبة عاصمة النبي ويفعل الافاعيل التي تضج منها السماء ، مروان دليل الجيش يؤشر وعقبة وجيشه المظفر ينفذ ويعدم بغير رحمة ، وتم تنفيذ ابشع مجزرة وكان من نتيجة هذه الوصية ان :
1 ـ ابيد من حضر من البدريين بالكامل .
2 ـ ابيد من قريش ومن الانصار سبعمائة رجل .
3 ـ ابيد من الموالي والعرب عشرة آلاف .
كان ذلك سنة 63 هـ في وقعة الحرة . هنالك قال عبد الله بن عمر ( نحن مع من غلب ) وتحول قوله الى قاعدة دستورية ، وكان معتزلاً عندما اشتد الصراع بين علي ومعاوية (3) .
المثال الثالث : ارسل معاوية بسر بن ارطاة في ثلاثة آلاف سنة 40 هـ وقدم المدينة فصعد المنبر وتهدد اهل المدينة بالقتل فأجابوه الى بيعة معاوية ، ومضى بسر الى مكة ثم
____________
(1) راجع نظام الحكم للقاسمي ص 283 .
(2) راجع كتابنا النظام السياسي في الاسلام ص 182 .
(3) راجع نتائج معركة الحرة في كل كتب التاريخ وتأكد من صحة هذه النتائج وراجع على سبيل المثال الامامة والسياسة لابن قتيبة .

( 45 )

سار الى اليمن ولم يجد واليها عبيد الله بن العباس ووجد طفليه الصغيرين عبد الرحمن وقاسم فقتلهما بسر وقتل معهما خالاً لهما من ثقيف ، وقتل بالمدينة وبين المسجدين خلقاً كثيراً ، وكذلك بالجوف قتل بها خلقاً كثيراً من رجال همدان وقتل بصنعاء خلقاً كثيراً من الابناء . ولم يبلغه عن احد انه يماليء علياً او يهواه الا قتله (1) .
وكانت جويرية ام ابني عبيد الله بن العباس الذين قتلهما بسر تدور حول البيت ناشرة شعرها وترثيهما بعاطفه تذيب الصلخد الصلد (2) .
المثال الرابع : ذكر ان امرأة الحسن بن علي عليه السلام جعدة بنت الاشعث بن قيس الكندي سقته السم ، وكان معاوية دس اليها : انك ان احتلت في قتل الحسن وجهت اليك بمائة الف درهم وزوجتك من يزيد ، فكان ذلك الذي بعثها على سمه . فلما مات الحسن وفى لها معاوية بالمال وارسل اليها : انا نحب حياة يزيد ولولا ذلك لوفينا لك بتزويجه . وذكر ان الحسن قد قال عند موته ( لقد حاقت شربته وبلغ امنيته والله لا وفى لها بما وعد ، ولا صدق فيما قال ) .
وعن العباس بن عبد المطلب قال : كنت عند رسول الله اذ اقبل علي بن ابي طالب ، فلما رآه اسفر عن وجهه فقلت يا رسول الله انك لتسفر في وجه هذا الغلام فقال ( يا عم رسول الله والله لله اشد حباً له مني ، انه لم يكن نبي الا وذريته الباقية بعده من صلبه ، وان ذريتي بعدي من صلب هذا ) (3) .
وممن سمهم معاوية عبد الرحمن بن خالد بن الوليد ، وذلك عندما شاور اهل الشام فيمن يعقد له من بعده فقالوا : رضينا بعبد الرحمن ، فشق ذلك على معاوية فسمه (4) وهذا ما فعله مع عبد الرحمن بن ابي بكر الصديق .
____________
(1) راجع الامامة والسياسة وراجع مروج الذهب للمسعودي ج 3 ص 26 .
(2) راجع مروج الذهب ص 27 .
(3) راجع مروج الذهب للمسعودي ص 477 ج 2 .
(4) راجع ترجمته في الاستيعاب وراجع ص 175 من كتاب شيخ المضيرة .

( 46 )

المثال الخامس : الفرحة الكبرى . حدث محمد بن جرير الطبري عن محمد بن حميد الرازي عن علي بن مجاهد عن محمد بن اسحاق عن الفضل بن عباس بن ربيعة قال : وفد عبد الله بن العباس على معاوية قال : فوالله اني لفي المسجد اذ كبر معاوية في الخضراء ، فكبر اهل الخضراء ثم كبر اهل المسجد بتكبير اهل الخضراء ، فخرجت فاختة بنت قرظة بن عمرو بن نوفل بن عبد مناف من خوخة لها فقالت : سرك الله يا امير المؤمنين ما هذا الذي بلغك فسررت به ؟ فقال معاوية : موت الحسن بن علي ، فقالت : انا لله وانا اليه راجعون ، ثم بكت وقالت : مات سيد المسلمين وابن بنت رسول الله ، فقال معاوية : نعما والله ما فعلت ، انه كان كذلك اهلاً ان تبكي عليه . ثم بلغ الخبر ابن عباس فراح فدخل على معاوية ، قال : علمت يا ابن عباس ان الحسن توفي ؟ قال : الذلك كبرت ؟ قال : نعم (1) .
المثال السادس : تقدم الجيش بقيادة الصحابي عمرو بن سعد بن ابي وقاص ... ولما تكاثرت العساكر على الحسين عليه السلام ايقن انه لا محيص له ، فلم يزل يقاتل حتى قتل . وكان الذي تولى قتله رجل من مذحج واخذ رأس الحسين وانطلق به الى ابن زياد وهو يقول :

اوقر ركابي فضة وذهباً * أنا قتلت الملك المحجبا
قتلت خير الناس أما وأبا * وخيرهم اذ ينسبون نسبا

فسلبوه جبته وحذاءه كما يروي البلاذري في انساب الاشراف ، ولم يكتفوا بذلك انما امر الصحابي عمرو بن سعد بن ابي وقاص ان يوطئوا خيلهم جثة الحسين ، فانتدب لذلك اسحاق بن هبيرة الحضرمي في نفر منه فوطئوه بخيلهم (2) وعاد عمرو بن سعد بن ابي وقاص مظفراً ، بعد ان اباد ذرية محمد وماتوا وهم عطشى ، وبجانبهم الفرات حلال حتى الكلاب وحرام على ذرية محمد .
____________
(1) راجع مروج الذهب للمسعودي ج 2 ص 478 ـ 479 .
(2) راجع مقتل الحسين في انساب الاشراف للبلاذري .

( 47 )

المثال السابع والاخير : قال الحسن عليه السلام اثناء اجتماعه بمعاوية ( ... يا أهل الكوفة لو لم تذهل نفسي عنكم الا لثلاث خصال لذهلت : مقتلكم ابي ، وسلبكم ثقلي ، وطعنكم في بطني ، واني قد بايعت معاوية ) (1) .
وكان عليه السلام بعد تولي الخلافة قد خرج في جيش قوامه اثني عشر الفاً وعسكر في المدائن فقام بعض من معه بمباغتنه وسلبوه رحله ، وتفرقوا عنه وخذلوه ، بل ان بعضهم اراد ان يوثقه ويسلمه لمعاوية موثقاً ، وبعضهم اراد قتله .

تحليل هذه الامثلة

التقتيل والتدمير والتحريق ، وابادة البدريين ، وقتل احد عشر الف مسلم بيوم واحد من اهل المدينة المنورة بلا ضرورة ، امر يناقض العدالة .
وقتل الاطفال وقتل كل من يظن انه يهوى ولي الله علياً امر لا يتفق ودعوى العدالة . وسم الحسن ، وقتل الحسين ، والدوس على جثته الطاهرة بسنابك الخيل ، وابادة آل محمد ومنعهم من ان يشربوا من ماء الفرات ، امر يناقض الزعم بالعدالة .
هذه الامور وامثالها مما لايحصى تنقض بوقوعها مزاعم كل الذين يقولون ان الصحابة كلهم عدول ، وانهم كلهم من اهل الجنة ولا يدخل احد منهم النار ، لاننا لو قلنا بذلك لكان فيه مكافأة للذين انتهكوا محارم الله .
ان سم الحسن وقتل الحسين وابادة اهل البيت ، وابادة افاضل الصحابة لا يمكن ان يكون اجتهاداً انما هو عدوان . ومن يفعل ذلك لا يمكن ان يكون من العدول بكل المعايير العقلية والدينية ووفق كل الشرائع الوضعية التي عرفها البشر ، يترفع اي قائد امريكي او فرنسي او روسي او وثني من ان يقوم بقتل طفلين صغيرين في غياب ابيهما كما فعل ابن ارطاة ، فقتل الطفلين لا يقدم ولا يؤخر في ملك معاوية او ملك ابنه ، وهذا العمل بكل المقاييس عمل وحشي لا يمكن تبريره ، فهل يعقل ان من يقوم بهذا العمل او يأمر به من الصحابة العدول ؟ وهل يعقل ان يدخله الله الجنة ؟
____________
(1) راجع مروج الذهب .

( 48 )

نعم بالتقليد يقبل كل غريب ولكن وفق قواعد الشرع الحنيف فانه غير مقبول . ومن هنا فان واقع الحال وما جرى بعد وفاته صلى الله عليه وآله وسلم ينقض نقضاً كاملاً نظرية كل الصحابة عدول ، لان ما جرى يناقضها وما وجدث هذا النظرية اصلاً الا لغايات سياسية كما سنثبت ذلك ، ولتغطية الخروج على الشرعية ، ولتبرير توسيد الامر لغير اهله ، والله غالب على امره ، ثم تناقل الناس هذه النظرية تقليداً كتناقل الازياء .
4 ـ نظرية عدالة الصحابة تتعارض مع روح الاسلام العامة ، ومع حسن الخاتمة ومع الغاية من الحياة نفسها ، فا لله سبحانه وتعالى ما خلق الموت والحياة ، وما خلق الارض وما عليها الا ليمتحن خلقه ايهم احسن عملاً ، بدليل قوله تعالى ( انا جعلنا ما على الارض زينة لها لنبلوهم ايهم احسن عملاً ) ( سورة الكهف ) ( الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم ايكم احسن عملا ) ( سورة الملك ) . فالحياة وجدت لتكون ميدان اختبار للمكلفين ، وكل ما في الحياة عنصر من عناصر عملية الاختبار ، وتبدأ عملية الاختبار بالتكليف المرتبط بالعقل والتمييز وتنتهي بالموت . فاذا كان كل الصحابة عدولاً لا يجوز عليهم الكذب ومحكوم بنزاهتم ، وانهم جميعا من اهل الجنة وانه لا يدخل احد منهم النار ، فهم خارجون تماماً عن عملية الابتلاء ولا داعي لامتحانهم ، وهذا يناقض الغاية من حياتهم ، اذ في ذلك ايقاف لعملية الابتلاء الالهية .
ثم انها تناقض روح الاسلام العامة لان الانسان في خسر الا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر ، فقدر المسلم ان يكون ملتزماً بأوامر الله حتى يتوفاه الله ، واي خلل بهذا الالتزام يخرج من دائرة الاسلام ويجر عليه غضب الله بحجم هذا الخلل ، والعبرة دائماً بحسن الخاتمة .
فلو ان مسلما التزم بأوامر الله طوال حياته ، وقبل ان يموت بيوم واحد كفر بالله ، لما اغنى عنه التزامه السابق شيئا .
والرسول بفضل الله عليه على علم بما سيحدث بعده ، لذلك خاطب جميع المؤمنين في حجة الوداع قائلاً ( لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم اعناق بعض ) والخطاب موجه للصحابة بالمعنيين اللغوي والاصطلاحي .


( 49 )

وروى البخاري عن ابن عباس عن النبي قال ( انكم تحشرون حفاة عراة ، وان أناساً من اصحابي يؤخذ بهم ذات اليمين وذات الشمال فأقول : اصحابي اصحابي فيقول : انهم لم يزالوا مرتدين على اعقابهم منذ فارقتهم ، فأقول كما قال العبد الصالح : وكنت عليهم شهيداً ما دمت فيهم ) .
وروى مسلم هذا الحديث بلفظ ( ليردن عليّ ناس من اصحابي حتى اذا عرفتهم اختلجوا من دوني فأقول اصحابي فيقول لا تدري ماذا احدثوا بعدك ؟ ) .
وروى البخاري عن النبي قال ( بينما انا قائم ، فاذا زمرة حتى اذا عرفتهم خرج رجل من بيني وبينهم قال : هلم ، قلت : أين ؟ قال : الى النار والله ، قلت : وما شأنهم ؟ قال : انهم ارتدوا بعدك على ادبارهم القهقرى ، فلا اراه يخلص منهم الا مثل همل النعم ـ اي القليل ) .
وفي رواية اخرى ان النبي قال : ( يرد عليّ يوم القيامة رهط من اصحابي فيحلّوّون عن الحوض فأقول : يا رب اصحابي ، فيقول : انك لا علم لك بما احدثوا ، انهم ارتدوا على ادبارهم القهقرى ) .
واخرج عن سهل بن سعد قال : قال النبي ( ليوردن عليّ اقوام اعرفهم ويعرفونني ، ثم يحال بيني وبينهم ) . قال ابو حازم : فسمعني النعمان بن ابي عياش فقال : هكذا سمعت من سهل فقلت : نعم ، فقال : أشهد على ابي سعيد الخدري لسمعته وهو يزيد فيها ( فأقول انهم مني ، فيقال : انك لا تدري ما احدثوا بعدك فأقول : سحقاً سحقاً لمن غير بعدي ) .
واخرج من حديث ابن عباس جاء فيه ( وان اناساً من اصحابي يؤخذ بهم ذات الشمال فأقول : اصحابي اصحابي فيقال : انهم لم يزالوا مرتدين على اعقابهم منذ فارقتهم ) .
واخرج ابو يعقوب في مسند عمر مثل ذلك .
واخرج البخاري في باب غزوة الحديبية عن العلاء بن المسيب عن ابيه قال : لقيت البراء بن عازب فقلت له : طوبى لك صحبت النبي وبايعته تحت الشجرة ، فقال : يا ابن اخي انك لا تدري ما احدثناه بعده .
واخرج عن عبد الله عن النبي ( انا فرطكم على الحوض وليرفض رجال منكم ثم ليختلجن دوني فأقول : يا رب اصحابي فيقال : انك لا تدري ما احدثوا بعدك ) .


( 50 )

قال البخاري : تابعه عاصم عن ابي وائل وقال حصين عن ابي وائل عن حذيفة عن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) .
واخرج عن اسماء بنت ابي بكر ( اني على الحوض حتى انظر من يرد عليّ منكم ، وسيؤخذ ناس دوني فأقول : يا رب مني ومن امتي ، فيقال : هل شعرت ما عملوا بعدك ؟ والله ما برحوا يرجعون على اعقابهم ) .
قال البخاري فكان ابن مليكة يقول : اللهم انا نعوذ بك ان نرجع على اعقابنا ونفتن عن ديننا .
هذا بعض ما نقلناه من البخاري ومسلم وفي غيرهما كثير اعرضنا عنه خشية التطويل (1) .

تحليل هذه النماذج من النصوص

ثبت من احاديث رسول الله التي سقناها ان قسماً من الصحابة سيبدلون من بعده وسيرتدون على اعقابهم وسيؤمر بهم الى النار . وممن اخرج هذه الاحاديث البخاري ومسلم ، وهما في نظر المقلدين يأتيان بعد القرآن في الصحة والاعتبار ، فكيف نوحد بين قولهم بأن الصحابة كلهم عدول وكلهم في الجنة ولا يدخل احد منهم النار ، وبين هذه النصوص النبوية القاطعة والمتواترة والتي يؤيدها واقع الحال ؟ وطالما انه لا يمكن التوحيد بين المزاعم والنصوص ، فان نظرية عدالة كل الصحابة منقوضة من اساسها ، لانها تتعارض مع الغاية من الحياة وهي الابتلاء ، وتتعارض مع روح الاسلام التي تربط الحياة القويمة بالعمل الصالح واستمرار التواصي بالحق والصبر عليه ، وتتوج كل ذلك بحسن الخاتمة .

تهافت نظرية عدالة كل الصحابة

روى ابن عرفة المعروف بنفطويه ، وهو من اكابر المحدثين واعلامهم كما جاء في شرح النهج للمعتزلي ( ان اكثر الاحاديث في فضائل الصحابة قد افتعلت في ايام
____________
(1) راجع آراء علماء المسلمين في التقية والصحابة وصيانة القرآن الكريم للسيد مرتضى الرضوي ص 100 وما فوق وراجع مسند الامام احمد ج 5 ص 50 وج 1 ص 235 .

( 51 )

بني امية تقرباً اليهم بما يظنون انهم يرغمون انوف بن هاشم . وقد صيغت بأسلوب يجعل من كل صحابي قدوة صالحة لاهل الارض وتصب على كل من سب احداً منهم او اتهمه بسوء ، كما جاء فيما رووه عن انس بن مالك ( من سب احداً من اصحابي فعليه لعنة الله والملائكة والناس اجمعين ، ومن عابهم او انتقصهم فلا تؤاكلوه ولا تشاربوه ولا تصلوا عليه ) وقد جاءت بهذا الاسلوب ولم تفرق بين صحابي وصحابي ) .

عرض

ولي الله بالنص ، واخو رسول الله بالنص ، وعميد آل البيت بالنص ، وباب مدينة العلم اللدني بالنص ، هو على الاقل صحابي يحمل هذا اللقب كما يحمله غيره ، فما حكم من يسبه ويفرض سبه والانتقاص منه في جميع المقاطعات التي كانت تخضع لحكم معاوية ؟ وما حكم الذين اطاعوا معاوية بسبه ؟ هل يشملهم هذا الحديث الآنف ؟
وعندما نصح معاوية بعض خلصائه للتوقف عن سب عليّ وشيعته قال : والله لا ادع سبه وشتمه حتى يهرم عليه الكبير ويشب عليه الصغير . وقد بذل للصحابي ابي سمرة بن جندب خمسمائة الف درهم ليروي له عن النبي ان الاية ( ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو الد الخصام واذا تولى سعى في الارض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد ) نزلت في علي بن ابي طالب . وان الاية ( ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله ) نزلت في عبد الرحمن بن ملجم لانه قتل علياً عليه السلام . فما لهذه النظرية تفرق بين صحابي وصحابي وتطبق على اناس ولا تطبق على الآخرين ؟ ولا عاقل في الدنيا ينفي ان شتم عليّ وآله قد فرضته الدولة على كل رعاياها ، وانهم قد شاركوا الدولة هذا الاثم رهبة او رغبة .

دور الصحابة في السنن والتشريع

في عهد الصحابة والطبقة الاولى من التابعين كان دور الصحابة منحصراً على نقل اقوال الرسول وافعاله ، فبعد ان كانت السنة لا تتعدى اقوال الرسول وافعاله عند متقدمي الصحابة اصبحت في العصور التي تعددت فيها المذاهب تتسع لرأي الصحابي وفتواه ، فاذا لم يجدوا نصاً على حكم الواقعة في كتاب الله وسنة الرسول اصبحت آراء


( 52 )

الصحابة في احكام الحوادث التي كانت تعرض عليهم المصدر الثالث من مصادر التشريع بعد كتاب الله وسنة رسوله !
ولعل ائمة المذاهب الثلاثة وعلماءهم : الاحناف والمالكية والحنابلة اكثر تعصبا من الشوافع كما يبدو ذلك من تصريحاتهم ومجاميعهم الفقهية . ومع ان ابا حنيفة كان متحمساً للقياس ويراه من افضل المصادر بعد كتاب الله فقد كان يقدم رأي الصحابي اذا تعارض في مورد من الموارد . وجاء عنه انه كان يقول : اذا لم اجد في كتاب الله ولا في سنة رسول الله اخذت بقول اصحابه ، فاذا اختلفت آراؤهم في حكم الواقعة آخذ بقول من شئت وادع من شئت ، ولا اخرج من قولهم الى قول غيرهم من التابعين .
وجاء في اعلام الموقعين لابن القيم ، ان اصول الاحكام عند الامام احمد خمسة : 1 ـ النص . 2 ـ فتوى الصحابة . وان الاحناف والحنابلة قد ذهبوا الى تخصيص الكتاب بعمل الصحابي لان الصحابي العالم لا يترك العمل بعموم الكتاب الا لدليل ، فيكون عمله على خلاف عموم الكتاب دليلاً على التخصيص وقوله بمنزلة عمله (1) .
وما ابعد ما بين هؤلاء اهل السنة وبين اهل الشيعة القائلين بعدم جواز الاعتماد على السنة في مقام التشريع الا اذا تأيدت بآية من القرآن لان فيه تبيان لكل شيء ، وقد نزل بلغة العرب ، وبأسلوب يفهمه كل عربي ، وذلك لان السنة رواها عن الرسول جماعة يجوز عليهم الخطأ والكذب ، وكانوا لا يقبلون مرويات بعضهم احياناً ويعمل كل منهم بما يوحيه اليه اجتهاده ، وقد تراشقوا بأسوأ التهم واستحل بعضهم دم بعض (2) .
ومهما كان الحال فاقوال الصحابة وآراؤهم واجتهاداتهم من ابرز اصول التشريع عند الجمهور بعد كتاب الله ، وفي الوقت ذاته يخصصون بها عمومياته ويقيدون بها مطلقاته وكأنها وحي من السماء لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه . ومن المعلوم ان هذا الغلو في تقديس الصحابة لا يختلف عن العصمة في شيء ، ويتسع للمنافقين وللمشركين الذين ارغموا على التظاهر بالاسلام .
____________
(1) راجع ابا حنيفة لابي زهرة ص 304 وراجع آراء علماء المسلمين في التقية والصحابة وصيانة القرآن الكريم ص 87 وما فوق لقد لخصنا ما ذكره في هذا المجال الايماني لموافقته للصواب .
(2) راجع المدخل الى علم اصول الفقه لمعروف الدواليبي ص 217 وراجع المرجع السابق .

( 53 )

وهذا الغلو في تقديس الصحابة قد تحول في الفترة التي ظهرت فيها المذاهب الفقهية لمحاربة التشيع لائمة اهل البيت في فقههم واصولهم وجميع تعاليمهم التي تجسد الاسلام في جميع مراحله وفصوله كما ورثوه عن جدهم ( علي ) الذي وهو مدينة العلم .
وكان الائمة عليهم السلام يقولون ( اذا حدثنا لا نحدث الا بما يوافق كتاب الله وكل حديث ينسب الينا لا يوافق كتاب الله فاطرحوه ) كما كان الامام الصادق يقول ( حديثي حديث ابي ، وحديث ابي حديث جدي ، وحديث جدي حديث رسول الله ، وحديث رسول الله قول الله ) (1) .
____________
(1) لقد اقتطفنا هذا الموضوع من كتاب آراء علماء المسلمين للسيد مرتضى الرضوي ، فارجع اليه ص 87 وما فوق وغايتنا وضع الحقيقة الشرعية امام طلابها .

( 54 )



( 55 )

الفصل الرابع
نظرية عدالة الصحابة عند الشيعة

1 ـ مولاة الشيعة للصحابة

يقول السيد مرتضى الرضوي : الشيعة يوالون اصحاب محمد ( عليه وآله الصلاة والسلام ) الذين ابلوا البلاء الحسن في نصرة الدين وجاهدوا بأنفسهم واموالهم . واتهام الشيعة بسب الصحابة وتكفيرهم اجمع هو اتهام بالباطل ، ورحم بالغيب وخضوع للعصبية ، وتسليم للنزعة الطائفية ، وجري وراء الاوهام والاباطيل .

2 ـ من هم الصحابة عند الشيعة

الصحبة تشمل كل من صحب النبي او رآه او سمع منه ، فهي تشمل المؤمن والمنافق والعادل والفاسق والبر والفاجر ... فالصحبة ليست بمجردها عاصمة تلبس صاحبها ايراد العدالة ، وانما تختلف منازلهم وتتفاوت درجاتهم بالاعمال . ولنا في كتاب الله واحاديث رسول الله كفاية عن التحمل في الاستدلال على ما نقول ، والآثار شاهدة على ما نذهب اليه من شمول الصحبة وان فيهم العدول من الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه ، ورسخت اقدامهم في العقيدة ، وجرى الايمان في عروقهم ، واخلصوا لله فكانوا بأعلى درجة من الكمال . وقد وصفهم الله عز وجل بقوله تعالى ( اشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعاً سجداً يبتغون فضلاً من الله ورضواناً سيماهم في وجوههم من اثر السجود ، ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الانجيل كزرع اخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى


( 56 )

على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة واجراً عظيماً) .
وهم المؤمنون ( الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وانفسهم في سبيل الله اولئك هم الصادقون ) ( سورة الحجرات ) . وقد أمر الله باتباعهم والاقتداء بهم بقوله ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين ) ( سورة التوبة ) . هؤلاء هم اصحاب محمد العدول عند الشيعة .
الشيعة تناقش اعمال ذوي الشذوذ من الصحابة بحرية فكر وتزن كل واحد منهم بميزان عمله فلا يوادون من حاد الله ورسوله ويتبرأون ممن اتخذوا ايمانهم جنة فصدوا عن سبيل الله . وهم بهذا الاسلوب لا يخالفون كتاب الله وسنة رسوله وعمل السلف الصالح في تمييز الصحابة .

3 ـ نقطة الخلاف الجوهرية

أهل السنة يقولون بعدالة كل الصحابة بالمعنيين اللغوي والاصطلاحي . واهل الشيعة يقولون بعدالة المتصف بالعدالة من الصحابة فقط .

4 ـ دعاء الشيعة لاصحاب محمد

ان الدعاء الذي تردده الشيعة لاصحاب محمد لدليل قاطع على حسن ولاء الشيعة للصحابة واخلاص المودة لهم . فهم يدعون الله لاتباع الرسل عامة ولاصحاب محمد خاصة بما ورثوه من ائمتهم الطاهرين .

5 ـ أشهر أدعية الشيعة

ومن اشهر ادعية الشيعة للصحابة دعاء زين العابدين عليه السلام في صحيفته المعروفة بالسجادية ، وهو :
( اللهم واتباع الرسل ومصدقوهم من اهل الارض بالغيب عند معارضة المعاندين لهم بالتكذيب ، والاستباق الى المرسلين بحقائق الايمان ، في كل دهر وزمان ارسلت فيه رسولاً ، واقمت لاهله دليلا من لدن آدم الى محمد من ائمة الهدى وقادة اهل التقى على جميعهم السلام ،


( 57 )

فاذكرهم منك بمغفرة ورضوان . اللهم واصحاب محمد خاصة الذين احسنوا الصحبة ، والذين ابلوا البلاء الحسن في نصره وكاتفوه واسرعوا الى وفادته وسابقوا الى دعوته واستجابوا له حيث اسمعهم حجة رسالاته ، وفارقوا الارواح والاولاد في اظهار كلمته ، وقاتلوا الآباء والابناء في تثبيت نبوته وانتصروا به ، ومن كانوا منظومين على محبته يرجون تجارة لن تبور في مودته والذين هجرتهم العشائر اذ تعلقوا بعروته ، وانتفت منهم القرابات اذ سكنوا في ظل قرابته ، فلا تنس لهم اللهم ما تركوا لك وفيك وارضهم من رضوانك وبما حاشوا الخلق عليك ، وكانوا مع رسولك دعاة لك اليك واشكرهم على هجرهم فيك ديار قومهم وخروجهم من سعة المعاش الى ضيقه ومن كثرت في اعزاز دينك من مظلومهم . اللهم واوصل الى التابعين لهم باحسان الذين ( يقولون ربنا اغفر لنا ولاخواننا الذين سبقونا بالايمان ) خير جزائك الذين قصدهم سمتهم وتحروا وجهتهم ومضوا على شاكلتهم لم يثنهم ريب في نصرتهم ولم يختلجهم شك في قفو آثارهم ولائتمام بهداية منارهم ، مكاتفين ومؤازرين لهم يدينون بدينهم ويهتدون بهداهم ينفقون عليهم ولا يتهمونهم فيما ادوا اليهم ، اللهم صل على التابعين من يومنا هذا الى يوم الدين وعلى ازواجهم وعلى ذرياتهم وعلى من أطاعك منهم صلاة تعصمهم بها من معصيتك وتفسح لهم في رياض جنتك ، وتمنعهم بها من كيد الشيطان ، وتعينهم بها على ما استعانوك عليه من بر وتقيهم طوارق الليل والنهار الا طارقاً يطرق بخير ، وتبعثهم بها على اعتقاد حسن الرجاء بك ، والطمع في ما عندك وترك التهمة في ما تحويه ايدي العباد لتردهم الى الرغبة اليك والرهبة منك وتزهدهم في سعة العاجل وتحبب اليهم العمل الآجل والاستعداد لما بعد الموت وتهون عليهم كل كرب يحل بهم يوم خروج الانفس من ابدانهم ، وتعافيهم مما تقع به الفتنة من محذوراتها وكبة النار وطول الخلود فيها وتصير لهم الى امن من مقيل المتقين ) (1) .
____________
(1) الصحيفة السجادية للامام علي بن الحسين عليه السلام ص 43 ـ 45 .

( 58 )



( 59 )

الفصل الخامس
بذور للتفكر في نظرية عدالة الصحابة

ابن عباس يصف الصحابة لمعاوية : سأل معاوية ابن عباس عن عدة أمور ، ثم سأله عن الصحابة فقال ابن عباس : يا معاوية ان الله جل ثناؤه وتقدست اسماؤه خص نبيه محمداً بصحابة آثروه على الانفس والاموال ، وبذلوا النفوس دونه في كل حال ، ووصفهم الله في كتابه فقال ( رحماء بينهم تراهم ركعاً سجداً يتبغون فضلاً من الله ورضواناً ، سيماهم في وجوههم من اثر السجود ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الانجيل كزرع اخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار ، وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجراً عظيماً ) (1) .
قاموا بمعالم الدين وناصحوا الاجتهاد للمسلمين ، حتى تهذبت طرقه ، وقويت اسبابه ، وظهرت آلاء الله ، واستقر دينه ، ووضحت اعلامه ، واذل بهم الشرك ، وازال رؤوسه ، ومحا معالمه ، وصارت كلمة الله هي العليا ، وكلمة الذين كفروا السفلى .
فصلوات الله ورحمته وبركاته على تلك النفوس الزكية ، والارواح الطاهرة العالية فقد كانوا في الحياة اولياء وكانوا بعد الموت احياء ، وكانوا لعباد الله نصحاء رحلوا الى الآخرة قبل ان يصلوا اليها ، وخرجوا من الدنيا وهم بعد فيها . فقطع عليه معاوية الكلام وقال : يا ابن عباس حدثنا في غير هذا (2) .
____________
(1) الفتح ـ 29 .
(2) مروج الذهب للمسعودي ج 3 ص 65 ـ 66 و ص 425 ـ 426 .

( 60 )

شهادة ووصية الصحابي حذيفة بن اليمان

كان حذيفة عليلاً بالكوفة سنة 36 هـ فبلغه قتل عثمان وبيعة الناس لعلي فقال : اخرجوني وادعوا الصلاة جامعة . فوضع على المنبر فحمد الله واثنى عليه وصلى على النبي وآله ثم قال : ايها الناس ان الناس قد بايعوا علياً ، فعليكم بتقوى الله وانصروا علياً وآزروه ، فوالله انه لعلى الحق آخراً واولاً ، وانه لخير من مضى بعد نبيكم ومن بقي الى يوم القيامة . ثم اطبق بيمينه على يساره ثم قال : اللهم اشهد اني قد بايعت علياً . وقال لابنيه صفوان وسعد : احملاني وكونا معه فستكون له حروب كثيرة فيهلك فيها خلق من الناس فاجتهدا ان تستشهدا معه فانه والله على الحق ومن خالفه على الباطل ، ومات حذيفة رضي الله عنه بعد هذا اليوم بسبعة ايام وقيل بأربعين يوماً ، ونفذ الولدان الباران وصية ابيهما واستشهدا يوم صفين وهما يقاتلان الى جانب علي عليه السلام (1) .

الزبير وحسن الخاتمه

خرج علي بنفسه حاسراً على بغلة رسول الله لا سلاح معه ، فنادى : ( يا زبير اخرج عليّ ) فخرج اليه الزبير شاكياً في سلاحه ، فقيل ذلك لعائشة فقالت : واثكلك يا اسماء ، فقيل لها : ان علياً حاسر فاطمأنت ، واعتنق كل واحد منهما صاحبه فقال علي ( ويحك يا زبير ما الذي اخرجك ) قال : دم عثمان ، قال علي ( قتل الله اولانا بدم عثمان ، اتذكر يوم لقيت رسول الله في بني بياضة وهو راكب حماره فضحك اليّ رسول الله وضحكت اليه وانت معه ، فقلت انت : يا رسول الله ما يدع علي زهوه ، فقال لك : ليس به زهو اتحبه يا زبير ؟ فقلت : اني والله لاحبه فقال لك : انك والله ستقاتله وانت ظالم له ) ، فقال الزبير استغفر الله ، والله لو ذكرتها ما خرجت ، فقال له : يا زبير ارجع ، فقال الزبير : كيف ارجع الان وقد التقت حلقتا البطان ؟ هذا والله العار الذي لا يقبل . فقال علي ( يا زبير ارجع بالعار قبل ان تجمع العار والنار ) فرجع الزبير وهو يقول :
اخذت عاراً على نار مؤججة * ما ان يقــوم لها خلق من الطين
نادى علي بأمر لست اجـهله * عار لعمرك في الدنيا وفي الدين (2)

____________
(1) مروج الذهب للمسعودي ج 3 ص 65 ـ 66 و ص 425 ـ 426 .
(2) مروج الذهب ج 2 ص 400 ـ 402 .




http://www.alkafeel.net/islamiclibrary/aqad/sahaba/sahaba/03.html